افتتح رئيس أمناء مجلس الرابطة العربيَّة للتربويّين التنويريّين، الدكتور المحبوب عبد السلام، أعمال الاجتماع الرابع تحت عنوان (التنوير وصناعة المستقبل)، بكلمةٍ ترحيبيَّة. فيما يلي نصّها:
بسم الله الرحمن الرحيم
يسعدني ويشرِّفني أن أرحِّبَ بكم جميعاً في المؤتمر الرابع للرابطة العربيَّة للتربِّويين التنويريِّين، كما يسعدني أن أنوِّه على نحوٍ خاص أنَّ ملتقانا هذا العام العاصمة الأردنيَّة عمَّان، التي شهدت ميلاد الرابطة لأوَّل مرَّة، فإذ نؤمُّها مرّةً ثانيةً نؤكِّد أن ذلكم الغرس قد نما وترعرع وأخرج الشطء، فانضافت إليه عشرات الشخصيّات والمنظّمات، وشهدت مواسمه الثلاثة التالية نجاحاً بعد نجاح، فالتقينا مرّتين في مغرب العالم العربي تونس والرباط، والآن نعود لمشرقه، آملين أن ينداح أفق التنوير والتجديد ويشمل الشمال والجنوب وسائر أنحائه كافة.
الرابطة رؤية جديدة وفكرة مبدعة، فلئن ضمَّت المفكِّرين والأكاديميِّين أهل الدراسة والنظر، فقد انتظمت فيها جماعات وجمعيَّات المجتمع المدني، التواثق المبدع الذي يسَّره العصر في أفق الثورة الإنسانيَّة الجديدة، وحقَّقته ثورة الاتصالات التي وحَّدت مشاهد البشرية وقرَّبت رؤاها ومواقفها، فلم يزدها الاختلاف والتنوّع والتعدُّد إلا إخصاباً وثراءً. فالرابطة العربيَّة للتربويِّين التنويريِّين هي استجابة عربيَّة للمساهمة في العولمة الإنسانيَّة، تعود إلى الجذور لتنصت لنبض الأمَّة ولكن تتطلَّع للمستقبل لتنظر كيف يكون الطريق، وهي مهمَّة شاقة منذ أن تقدَّموا وتخلَّفنا، تقتضي بذل الوسع الفكري لنلامس آفاق القراءة التنويريَّة للدين، كما تقتضي إحكام شبكة العلاقات الثقافيَّة، التي تضيء المسافة بين الباحثين كافة، فيدرك كل باحث ما انتهى عنده الدرس في أيما مكان ليواصل قدماً متقدّماً أو متكاملاً أو متعاوناً، وكذلك في ساحة العاملين بالمجتمع المدني تتناصر جهودهم وتتواصل، وكما عرَّف المفكر العربي مالك بن نبي شبكة العلاقات الثقافية في مثال لافت، لقد صنعت جهاز الراديو بموجة الترانسستور شبكة من سبعة علماء من سبع دول أوربية، كان كل عالمٍ منهم يعلم أين انتهت اكتشافات الآخر، ولأجل ذلك أنجز المكتب التنفيذي للرابطة عبر مجهودٍ مقدَّر دليل التنوير العربي، أو كما غرَّد الرئيس الأمريكي الحالي قبل أيام ألا أحد يحسن استعمال الإنترنت أفضل منه إلا متطرِّفو داعش، ولكن التكنولوجيا ووسائلها هو منجز تنويري، ووسيلة لا تنفك عن الثقافة التي أنجزتها، فالأحرى أن يسعى التنويريُّون في النظر والعمل لتبديل المجتمع نوعاً بأفضل مما يفعل المتطرِّفون.
إن الرابطة وهي تعبر نحو عامها الخامس تتطلَّع لمزيد من الشمول والاتِّساع، لتضمّ مختلف العاملين في حقل التنوير، من التربويِّين أساتذة الجامعات والمعلِّمين في مختلف المراحل، ثمَّ الباحثين المهمومين بإضاءة عتمة الطريق نحو تحوُّل حضاري حقيقي وحداثي، ثم قادة العمل الطوعي المدني والعاملين فيه الذين ينشدون كرامة المواطن من العيش الكريم والفكر القويم، جميعاً في تعارف واعتراف وفي تكامل وتعاون.
لابد ونحن نتطلع لتلكم الأهداف أن نذكر فريق المكتب التنفيذي للرابطة الذين يجتهدون طوال العام لجعل تلك الأحلام ممكنة، ولا أشك أنكم تقدِّرون مدى صعوبة التصدِّي لإنجاز تلك المشروعات والأهداف، وفي موالاة ومتابعة اجتماعات وقرارات مجلس الأمناء، ثم الإصدارات المتوالية من التقرير إلى المجلة إلى دليل التنوير ثمّ الترتيب لاجتماعنا السنوي، فلهم كل الشكر والتقدير والثقة في أنّهم سيواصلون عملهم في دأب وتجرُّد وابداع.
كما لابد في مفتتح الأعمال من إزجاء أسمى مقامات الشكر والتقدير للمملكة الأردنيَّة الهاشمية قيادةً وشعباً ونخبةً ومجتمعا، الذين رحَّبوا برغبتنا في عقد المؤتمر السنوي في رحاب المملكة المضيافة وعاصمتها الجميلة التي نتشرَّف بتتويجها هذا المساء عاصمة للتنوير. كما أشكر لكم جميعاً مجلس أمناء وأعضاء متابعتكم لعمل الرابطة واستجابتكم المقدَّرة في حضور هذا الاجتماع الذي اتَّسع فيه الحضور وتنوَّع، تتوِّجهُ الأسماء الكبيرة للعلماء الأجلاء.
كذلك قبل أن نغادر لا بدّ من شكر مختلف الجهات التي قدَّمت عوناً كريماً للرابطة من المؤَّسسات الرسميَّة والشعبيَّة ولفندق كورب الذي يقيم فيه المشاركون ونعقد في ضيافته الكريمة جلسات الاجتماع.