نحن في الرابطة العربيَّة للتربويِّين التنويريِّين، إذ نجدِّد التزامنا بقيم التنوير التي نصَّ عليها القرآن الكريم ومنها الحقّ بالقراءة، والعلم والتعلُّم، والبحث والتفكُّر، والعقل والتدبُّر، والسؤال، والاهتداء بالآيات، والنهي عن طلب الحقّ بالانقياد الأعمى لما (وجدنا عليه آباءَنا) والطاعة العمياء للكبراء والسادة.
“وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ”. (170- سورة البقرة)، فإنَّنا نستنكر الهجمة الأخيرة على الأستاذة هالة عاهد، المحامية المخضرمة والناشطة الحقوقيَّة وندافع عن حقِّها في التفكير ومشاركة آرائها في المجال العام بحريَّة ومسؤوليَّة، ونرجو لها أن تنال العدالة التي تستحقّها وفقًا لأحكام القانون الأردني.
كما نعلن دعمنا لضرورة المراجعات الجادَّة للمدوّنة الفقهيَّة بما ينسجم مع روح العصر، ويضمن كرامة المرأة وسلامة المجتمع، في ضوء قوله تعالى “يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ…” (البقرة: 185)، وهو نصٌّ صريح يؤكِّد سماحة ديننا ويحمينا من التشدُّد والتصلُّب.
إلى ذلك تدعو الرابطة العربيَّة للتربويِّين التنويريِّين إلى حوار مفتوح وشامل بين جميع الأطراف، مع الاحترام الكامل للتنوُّع في الاجتهادات والخلاف في الرأي.
وإنَّنا إذ ننشد مستقبلًا يكفل الحقوق المدنيَّة التامَّة للمرأة والرجل على حدٍّ سواء في الأردن وغيرها من بلاد المسلمين، ندرك أنَّ التجديد والتقدُّم يتطلَّبان جهودًا تضامنيَّة، وتفكيرًا شجاعًا، وضمانًا لحريَّة التعبير ومسؤوليَّة القول والفعل.
ونشدِّد على ضرورة ضمان أجواء الاحترام المتبادل وحسن الظن والنقد البنَّاء ونبذ الكراهية وخطاب التكفير، من أجل تطوير العمل الفكري وازدهار الجهود العلميَّة والتربويَّة، ونؤمن أنَّ الأصوات النشاز التي تدعو إلى الإقصاء والتضييق على الاعتدال، تقوِّض القيم التي تنبني عليها المجتمعات المتكافلة والمستقرَّة.
كما يؤسفنا استمرار استخدام المفردات الجارحة ولغة العنف في التعبير عن الخلاف الفكري عوضًا عن الحوار المنفتح والنقاش البنَّاء والمحترم، ونعتقد أنَّ هذا السلوك يمثِّل انحرافًا عن قيم الإسلام الحنيف الذي يدعو إلى التعلُّم المستمر والحكمة والموعظة الحسنة.
وإذ نتفهَّم حراجة الموقف وتداعياته، نأمل أن يعمَّ الهدوء والاحترام المتبادل بين الأطراف المعنيَّة. والمملكة الاردنيَّة الهاشميَّة سبَّاقة في دعم قيم التعايش السلمي، والتفاهم المتبادل بين أتباع الديانات المختلفة، ودعم الخطاب الدِّيني الوسطي والمستنير.
الرابطة العربيَّة للتربويِّين التنويريِّين
الخميس 4 ذو الحجة 1444ه الموافق 22 حزيران 2023