fbpx

التنوير بين الدواعي الفكرية ومتطلبات المجتمع

25 فبراير 2017 – تونس

 نظمت الرابطة العربية للتربويين التنويريين، بالتعاون مع مركز دراسة الإسلام والديمقراطية ومنتدى الجاحظ وجمعية تونسيات، ندوة حول “التنوير بين الدواعي الفكرية ومتطلبات المجتمع”  وذلك يوم  25 فبراير 2017 فندق الأكروبول البحيرة – تونس. تحدث خلالها كل من السيد عبيدة فرج الله الرئيس التنفيذي للرابطة العربية للتربويين التنويريين، والسيد محرز الدريسي رئيس مجلس الأمناء، والسيد عبد الفتاح مورو نائب رئيس مجلس نواب الشعب، والسيد مصدق الجليدي وهو خبير دولي في التربية، والسيد محسن التومي الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للغات بقابس، والسيدة بثينة الجلاصي أستاذة بجامعة الزيتونة، بحضور العديد من المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني.

 

 افتتح اللقاء السيد عبيدة فرج الله الذي أكد على أن تونس تعد منطلق التنوير ومنشأ التنويريين بدءاً من العلامة الطاهر بن عاشور والفاضل بن عاشور واعتبر أن مصطلح التنوير من المصطلحات التي تثير إشكاليات فكرية لما يحمله من ثقل معرفي غربي و شرقي. كما تعرض في سياق ورقته إلى تعريف جملة من المفردات.

التربويون هم الفاعلون في مجال التربية والتعليم من تدريب و محاضرات أكاديمية وغير أكاديمية. أما التنويري فهو الشخص الذي يمتلك الجرأة ليسأل أسئلة حقيقية وأشار إلى أن دور الرابطة يقوم على البحث عن آلية لدمج هؤلاء الفاعلين بقصد الوصول إلى نموذج تفكيري معرفي تجديدي ينقل المجتمعات العربية التي اجتاحتها الراديكالية والعنف والتطرف.

 

ترأس الجلسة الدكتور محرز الدريسي والذي تطرق إلى أن مسألة التنوير ليست نخبوية، بل هي مسألة تهم كل مكونات المجتمع، في مرحلة تضخم فيها العمل السياسي على حساب الجانب الثقافي والتنويري.كما أشار إلى الفئة الذين ينظرون إلى التنوير نظرة استهجان لاعتباره مرادفا للعلمانية، والحال غير ذلك إذ يقوم التنوير على استعمال العقل ورفض الوصاية والقصور الذهني. وأكد أن الرابطة قامت باستعادة الفكرة في حد ذاتها بعد ضمورها و انكماشها نتيجة الحراك العربي السياسي. كما أفاد السيد محرز أنه يجب إعادة ربط الصلات الوجدانية مع أطروحات رجال الإصلاح مثل محمد عبده والأفغاني، وهو ما تسعى إليه الرابطة من تحويل المفاهيم المجردة والنظرية إلى ممارسات فعلية. علما و أن التنوير لا يقتصر على الجانب التحليلي و العقلي بل يشمل الجانب الوجداني ،كما أن التنوير ليس شأن محلي قطري، بل يجب أن يكون هناك ديناميكية بين مختلف المنابر في البلدان العربية حتى تكون شأنا عاما. كما أكد أن التنوير لم يتحول بعد إلى مسألة فاعلية ميدانية ومدنية ليرسخ روح الإهتمامات الجوهرية في قضية التنوير(التنوير و المواطنة، التنوير والإصلاح التربوي، ….) وفيما يتعلق بتأسيس الرابطة فقد كان الهدف من تأسيسها المساهمة كإطار مرن و ميسر لالتقاء المراكز والفاعلين الذين يعتبرون أن قضية التنوير هي قضية أساسية تنتظر ترجمتها إلى الواقع عبر دورات تدريبية ،قنوات تربوية ،تقنيات تكنولوجية كالأشرطة السمعية البصرية القصيرة وأن هذه التحديات صعبة للغاية ولكن ما إن يتم استيعاب فكر التنوير، يمكن تجاوزها و النجاح في أداء المهمة.

 

الورقة الأولى بعنوان: “التربية والتنوير الديني” للأستاذ والخبير التربوي الدكتور مصدّق الجليدي، يستعرض خلالها الربط بين مفهوم التنوير ومفهوم التنوير الديني، مستدلاً من تجربة الألماني إيمانويل كانط، ويرى أن التجربة الفكرية الروحية المتحررة من الوصاية هي التي تشيع النور في العقل، ويرى أيضاً أن التنوير الديني له معنيان كبيران، أولا؛ يرتبط التنوير الديني بمعنى الإيمان والدعوة إلى الإله الواحد. وهل توجد علاقة بين مفهوم التنوير الديني في القرآن والتنوبر الديني في فلسفة الأنوار؟ حسب رأي السيد مصدّق، يجب الإقرار بوجود منطق متين لفكرّين متوازيين؛ أحدهما عقلي والآخر وجداني إيماني روحي، و هو ما سار عليه كل من ابن رشد و إدغار موران.كما اعتبر أن التنوير الأوروبي هو وجه من وجهي التنوير القرآني، لكنه يفتقد إلى التنوير الوجداني والروحي حيث أنه نفى الخرافات ولم يثبت الإيمان. ثانياً؛ يمكن إدراج موضوع النظر العلمي في نظام الإيمان والنبوة من خلال تأكيد الأستاذ الجليدي أن ختم النبوة سيرورة معرفية تاريخية لا تنقطع وليست مجرد حدث تاريخي كما أنه عالمي وشامل ولا يخص المسلمين فقط، لذلك من الضروري الإمعان للفهم والتجديد في العالم والتاريخ.

 

الورقة الثانية بعنوان: “الفكر التنويري في برامج الزيتونيين الإصلاحية”: الطاهر الحداد نموذجاً” للدكتورة بثينة جلاصي وهي أستاذة وباحثة متخصصة في الدراسات القرآنية ومباحث علم أصول الفقه بجامعة الزيتونة، تستعرض خلالها مسيرة الفكر التنويري الإصلاحية لدى الزيتونيين، معتبرة إياها رؤية تجديدية تقوم على ثلاث مسارات؛ الأسباب التي دفعت الطاهر الحداد إلى الإصلاح التعليمي الزيتوني، وعرض البدائل الإصلاحية وأبعاده الحضارية،  خصوصية الفكر التنويري للطاهر الحداد. فهي توضّح على أن الحداد اعتبر توسع آفاق الطالب في الفهم، والنقد، واكتساب العلوم العقلية سبيل إلى فهم الواقع وتحليل السياسات. كما تؤكد على أن مشروع الحداد ينهض على التكامل، ومتطلبات العقل، وما تمليه الممارسة واللحاق بالركب الحضاري، وهو ما يحتاجه للنهوض بالمجتمعات، منطلقاً من روح الإسلام. كما أكدت السيدة بثينة على أن التنوير المتمثل في الإنصات إلى متطلبات الواقع والتفعيل في كل أبعاده، ليس فكرة تاريخية تنفرد بها حضارة من الحضارات، بل هو قدرها المتجدد بقدر قضاياها.

 

 

الورقة الثالثة: “المعطّلات الثّقافيّة: محاولة في بناء المفهوم” للدكتور محسن التّـــــومي، وهو أستاذ علوم التّربية في المعهد العالي للّغات بقابس، يستعرض خلالها ما يسميه  بـ “الحداثات التّطبيقيّة” ويقترح مفهوماً إجرائياً جديدًا وسمه بـ : “المعطّلات الثّقافيّة” الذّي يسعى من خلاله إلى  تفسير وفهم  بعض مظاهر التّردّد، والتّعثّر، التي حكمت مسارات العقلنة والنّهوض والتّحديث بالوطن العربي. وقد اعتمد في ذلك منهجًا تخاصّصيّاً مركّباً واستفاد من أخر أبحاث علوم الدّماغ، مطبّقة على المعرفة والوجدان كما يسميها.ويستخلص أن المعطّلات الثّقافيّة هي شكل مكثّف من التّمثّلات الاجتماعيّة السّلبية الفاعلة في التّصوّرات والممارسات الحائلة دون تقبّل الفلسفة في المجتمع العربيّ على الوجه المطلوب. وهي جنس من المعرفة النفس-اجتماعية التي تتداخل في تشكيلها عناصر واعية وأخرى لا واعية، وتتقاطع في مستواها الأبعاد الفردية مع الأبعاد الاجتماعية. وينصح الدكتور محمد التومي بأن الأمر لا يتعلق بمجرّد خلاص فرديّ، بل بحلّ يهمّ الذّاكرة الجماعيّة ككل وينطلق من إعادة كتابة تاريخ استنبات الفلسفة في الأرض العربيّة من خلال السّياقات، والمؤثّرات، التي رافقت عمليّة التّنصيب تلك.

الورقة الرابعة: “الدرس الديني والتربية المدنية بين التأصيل الحقوقي والتوظيف الأيديولوجي”، للأستاذ عبد الرزاق العيّاري رئيس منتدى الجاحظ، يسعى خلالها لتقديم استعراض تاريخي للدرس الديني والمناهج التونسية، وما تخللها، مروراً بواقع التربية اليوم ومواكبتها للحداثة، ويرى أنه بالرغم من الإنجاز الكمي الذي حققته المدرسة التونسية طيلة نصف قرن، فإن المنجز التعليمي بقي دون المأمول، خاصة في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان. ويرى الأستاذ عبدالرزاق أن صعود الحركة الإسلامية للحكم، ومسكها بكل قنوات السلطة، وإعلان إعادة بناء وتأسيس كل مؤسسات المجتمع السياسية، والإعلامية، والقضائية، والتعليمية، يضع المنظومة الحقوقية أمام اختبار جدّي قد يفتح آفاقاً جديدة للحريَّات، والعيش المشترك، أو يمهِّد لغلق قوس والارتداد إلى المربع الأوَّل.

المداخلة الأخيرة كانت للسيد عبد الفتاح مورو الذي أكد فيها أن التنوير قضية قديمة منذ قدوم نابليون إلى مصر، حيث التف كل من محمد علي باشا والمشير أحمد باشا حول هذه المسألة لإيقانهم بحتمية هذا التوجه الفكري، وقد تم فتح مدرسة عسكرية درس فيها اللغات والفيزياء والكيمياء. أما بالنسبة إلى تونس، فقد أنشأت مدرسة عسكرية على أيد الشيخ بن ملوكة والشيخ قابادو إلا أنها بقيت تسير بنسق بطيء في هذا التوجه نتيجة اصطدامهم بأعداء الإصلاح كما أكد أنه من الضروري العناية بالفكر التنويري والإبتعاد عن الجهلة الذين جمعوا الإسلام بالتقليد والقصور العقلي، لنكون في مقدمة التغيير. وفي ما يتعلق بالقرآن الكريم، أشار إلى أنه كتاب وضع لإثارة العقل وإيجاد الحلول وليس كتاب وصاية. ومثل الرياضيات، بنى الإسلام الحياة على أن الإنسان مكرم ومستخلف في الأرض وهي منطلق البناء الفكري.و ذكر السيد عبد الفتاح مورو أنه من أسباب فشل المجتمعات العربية إما حمل فكر تنويري خارج إطار ثقافة الأمة أم أنه حمل لفكر تنويري من داخل المنظومة ولكنه غير قادر على تبليغ صوته وبالتالي اختيار الإنعزال و البقاء على حافة الطريق. من الضروري غربلة التراث والتغيير على مستوى التطبيق وصنع عقل ناقد وقادر على الربط عن طريق السببية واقع الناس، لأن المدرسة الفكرية الإسلامية تعطلت منذ القرن 5 هجري لأن المسلمين يعتبرون المعرفة تكديس المعلومات في غياب عقل يعيها و يدركها.و خلال القرن الثاني عشر تفتحت عقول الناس حين تسلحوا بقواعد اللغة العربية واستطاعوا تفسير النص، فقام البلاغيون كالزمخشري باستخراج معاني القرآن الدقيقة. ثم جيء بالعلوم الحكمية أين نلاحظ نقلة نوعية ،حيث كان المتغير هو الأداة المستعملة لفهم النص من علم الإجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم التي تنير العقل لفهم دلالة النص. أكد السيد عبد الفتاح على أن عملية التغيير تتطلب إيمانا وعملا من أجل تشر الخطاب التنويري في كل المنابر والتخلي عن تعطيل العقل والإبتعاد عن السذاجة التقليدية. كما عرض السياق الدولي الذي تعيشه الدول العربية حيث هيمنة منظمة التجارة الدولية والبنك الدولي و صندوق النقد الدولي، وهو ما يتطلب تغييرا واقعيا تنويريا في العالم العربي ،لكي لا يلقى الشاب المسلم نفسه ضائعا في وسط هذه العولمة حفاظا منه على ثقافته أو مجبرا على أن يكون إرهابيا في بؤر التوتر. كما أشار إلى أن الحركة الإسلامية في القرن الماضي بشرت بأمل جديد ولكن الذي ينقص هذا التغير هو عدم إيمان هذه الحركة بضرورة العمل داخل مؤسسات الدولة، مما دفعها إلى صراع مرير بينها و بين الدولة.و في آخر مداخلته ،أكد السيد عبد الفتاح مورو على أن التغيير يجب أن يكون من داخل مؤسسات الدولة مع التضحية من أجله و إرسال الشباب للتعلم نظرا لأن الأمة الإسلامية هي أمة متنقلة تسعى دائما لطلب العلم ،فلا يكون التنوير مجرد خطاب بل يجب تحويلها إلى ممارسات عملية في الواقع.

 

اترك تعليقاً

تويتر
فعاليات قادمة
مارس

أبريل 2024

مايو
سب
اح
اث
ثل
ار
خ
ج
30
31
1
2
3
4
5
فعاليات في أبريل

1

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

2

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

3

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

4

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

5

لا يوجد فعاليات
6
7
8
9
10
11
12
فعاليات في أبريل

6

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

7

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

8

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

9

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

10

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

11

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

12

لا يوجد فعاليات
13
14
15
16
17
18
19
فعاليات في أبريل

13

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

14

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

15

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

16

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

17

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

18

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

19

لا يوجد فعاليات
20
21
22
23
24
25
26
فعاليات في أبريل

20

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

21

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

22

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

23

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

24

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

25

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

26

لا يوجد فعاليات
27
28
29
30
1
2
3
فعاليات في أبريل

27

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

28

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

29

لا يوجد فعاليات
فعاليات في أبريل

30

لا يوجد فعاليات